جلسة لإعادة الشباب لشيخ المشاريع الزراعية:
طه يرفض إستخدام مشروع الجزيرة في الأجندات السياسية
رصد: هدير أحمد
بما لا يدع مدخلاً لطفيليي السياسة أو مكاناً للشك، بتت جلسة خاصة في مجلس الوزراء بالتداول حول أداء مشروع الجزيرة في أحد أهم وأكبر الملفات التي أرّقت مضجع الدولة طويلاً (ملف مشروع الجزيرة وحقوق ملاك الأراضي)، بينما حُظي عددٌ قليلٌ من الصحف بحضور الوقائع التفصيلية للجلسة وظلت البقية غير المنضوية تحت لواء رؤساء التحرير أو كُتّاب الأعمدة في ترقب حذر بإنتظار التصريحات النارية لوقائع الجلسة التي إمتدات لقرابة الساعات الخمس
حضور نوعي
الحضور لم يغذِ جوانب القاعة، كما كانت مجريات الجلسة الماضية، غير أن حملة الحقائب الوزارية شكلوا حضوراً كثيفاً وهم: وزراء المالية والصناعة وتنمية الموارد البشرية والزراعة والثروة الحيوانية والنواب البرلمانيون وعدد من الدستوريين والتشريعيين.. وكما العادة وبجلد كبير أدار الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية مجريات الجلسة (جد الطويلة)، لترصد الواقع مُتمثلاً في لائحة من المطلوبات المستقبلية وتكشف عن هنات في الأداء هنا وهناك حَالت دون عمل المشروع بطاقته القصوى في الفترة الماضية.
وكبحاً لجماح ما دار على خلفية الجلسة الماضية التي قضت بتوجيه النائب لوزارة المالية وبنك السودان وإدارة مشروع الجزيرة، بدفع إستحقاقات ملاك الأراضي وما تبعها من حديث عن ضعف تَقديرات قيمة الفدان التي إعتمدتها التقارير الأخيرة لمسوحات الأراضى، قطع طه بأنّ تلك القيمة التي حددت مقابل سعر الفدان (عادلة)، حيث تم إعتماد سعر الفدان على أساس متوسط سعر الأرض.
البعد عن المزايدة السياسية
وأشار إلى أن المزارعين يجب أن يأخذوا بالإعتبار تحسين البنيات التحتية الذي تم في المشروع وما ترتب من زيادة بسعر الفدان بعد قانون 2005م، ورفض طه ما تقوم به جهات مناهضة للإنقاذ دست أنفها في المشروع لتستخدمه كذريعة ضد النظام، وقال: (لا ينبغي أن يُخضع مشروع الجزيرة أو قضية الملاك للمزايدة السياسية، والإنقاذ تتحمل مسؤلية الإيفاء بمتطلبات هذا الملف كاملة).
ووجّه طه، إدارة المشروع بالبدء الفوري فى دفع إستحقاقات الملاك إذا ما توافرت الأموال أو الشروع في يونيو المقبل بسداد تلك الأموال المستحقة، والمضي في ترتيبات الصرف بعد أن تم حصر الأراضي كافة بالمشروع، وقال: (لا يصح إلاّ الصحيح ولن نتوقف عند صرف إستحقاقات التعويضات فقط، وإنما نعد بالمضي قدماً في الإيفاء بكل مكملات النهضة في الولاية).
وأكد طه أن الصورة الآن باتت أكثر وضوحاً في مجال الإصلاح المؤسسي بإجازة التقرير الذي تم تقديمه من قِبل إدارة مشروع الجزيرة بتحديده لقيمة التعويضات وكيفية إيفائها، وأشار إلى أن التقرير حمل مؤشرات ما أنجز في المجالات المختلفة بالعمل، مبدياً عدد من التوجيهات التي تنصب بهدف بلوغ الغايات والمستويات المطلوبة من الأداء، المتمثلة في سد الثغرات الإدراية بالهيكل الإداري فى المشروع وإستكمال الفراغ الذي أدى لضعف العمل فيما مضى والتعجيل بإسناد المسؤولية لروابط مستخدمي المياه بالمشروع ووضع جدول زمني لذلك لا يتعدى كحد أقصى بدايات الموسم الصيفي المقبل، إضافَةً الى استبدال أحد ممثلي الحكومة بمجلس إدارة المشروع بخبير في مجال الإرشاد الزراعي لتقوية هذا الجانب.
كما وجّه طه، البرلمان بضرورة الإسراع في إجازة قانون المنتجين وتقوية جانب دراسات الجدوى الإقتصادية للمحاصيل، وشدد على ضرورة إستحداث كيان قانوني للبت في مشكلات التعاقد التي يمكن أن تحدث بين المزارعين والجهات الأخرى ومَدَى مُوافقتها لأحكام الشريعة، وجانب الضمانات التي تؤكد على حقوق كل طرف، وطالب بأن تكون تلك الجهات تتمتع بالحيادية، وقال: (على تلك الجهات ألاّ تكون الخصم والحكم في آن واحد ويجب أن تكون محايدة).
دفع حقوق الملاك
ومن جانبه أكد علي محمود وزير المالية، جاهزيتهم لانسياب تلك الأموال التي قال إنها لم تأتِ من زيارتنا لأمريكا، إلاّ أنّنا سنحرص على أن تصل للملاك في الوقت المحدد لها، ووعد بإيفائها كاملةً.
وفي ذات الجانب أشار د. فيصل حسن إبراهيم وزير الثروة الحيوانية إلى ضرورة الإهتمام بتطوير النمط الحيواني الموجود ضمن سِياق عمل المشروع لمردوده الكبير على الإنتاج القومي، حيث يشمل المشروع مليوني و(400) ألف رأس من الأبقار، وطالب الوزير بخُطة مَسح شاملة للصحة الحيوانيّة بالمشروع لمعالجتها، بجانب الإستفادة من البنيات التحتية فى المشروع لزيادة العَمل والإنتاج الحيواني بصفة عَامّة.
إستدامة المياه
من جانبه، طالب كمال علي محمد وزير الري والموارد المائية بضرورة التنبه لإستثمار المياه الناتجة عن تعلية خزان الروصيرص، وزيادة الرقعة الزراعية والتوسع الأفقي والرأسي في الإنتاج حسب الخُطة، وأشار إلى أن تطوير البنيات التحتية بالمشروع في الأعوام الماضية تم وفق القرض الذي قدمته الأوبك، وطالب بالمضي قدماً في خطط تنمية المشروع الذي يُعد ركيزة أساسية للإقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن المحافظة على إستدامة المياه والتعامل بمنهجية مع تخفيف معدلات الإطماء من شأنه أن يعضِّد الجهود التي تبنتها الدولة في نهضة الزراعة.
معالجة الديون
وأكّد بدر الدين محمود نائب محافظ البنك المركزي على أن معالجة الديون والاستحقاقات المالية الخاصة بملاك الأراضي، خطوة عملاقة نحو إعادة هيكلة العمل بالمشروع، وأشار إلى دور القطاع الخاص المهم في جانب تطوير العمل، وبشكل خاص في جانب فتح المجال أمام النشاط الإستثماري والزراعي والحيواني بالمشروع، لكنه طالب بضرورة تقدير الكم المفقود من التمويل بشكل عام والمطلوب لاستكمال نجاح الخطة التنموية الحديثة المجازة للعمل على توفير ذلك التمويل وتحقيق الاهداف.
مخاوف من المستقبل
وأعرب د. عبد الوهاب عثمان وزير المالية الأسبق، عن تخوفه من التوجه المستقبلي نحو التوسع في زراعة قصب السكر بالمشروع. وطالب بأن لا تكون توجهات الإنتاج من أجل التصنيع على حساب المحاصيل الأخرى الأساسية مثل الحبوب الزيتية خاصةً مع تنامي الأزمة الغذائية فى العالم.
وفي السياق، طالب جعفر محمد عبد الوهاب العضو البرلماني، المزارعين بإستنهاض الهمة والعودة للعمل بالمشروع ومحاربة التوجهات الأخيرة لمعظم المزارعين لإستجلاب عَمَالَة وافدة من غرب أفريقيا لإدارة دولاب العمل حتى أصبح مزارع الجزيرة مقاولاً، وربط سير المشروع نحو خطى القدم المستدام بدعم الدولة له ليس في سياق الدعم المادي المباشر، وإنما عبر القرارات الجريئة المطلوبة حسب كل مرحلة.
إعادة صياغة العقود
وشدد على ضرورة توحيد سعر الدولار الجمركي لدى التعامل مع المنتجين والإستعانة بالخريجين في جوانب العمل المختلفة بالمشروع.
فيما طالب عمر علي محمد النائب البرلماني بتشجيع دخول القطاع الخاص في العمل الزراعي بالمشروع عبر المنافسة الحرة، وبعيداً عن الإحتكار، وعلى أن يكون تحت رقابة خاصة من الدولة، وأكد على ضرورة التنبه في إستخدام المياه وترشيد الإستهلاك حتى لا نكون ضحايا لحرب المياه المقبلة، إضافةً إلى تدارك ما تم في تأخير زراعة القطن نسبةً لتأخر شركة أقطان السودان عن طرح السعر مبكراً.
ومن جانبه، كشف عبد الوهاب عمر مصطفى النائب البرلماني عن عدم أهلية العقود التي قدمت للمزارعين من قبل شركة الأقطان السودانية، وقال: (هذه العقود المقدمة محبطة بشكل كبير. ويجب أن تتم إعادة صياغتها لتحفظ للمزارعين حقوقهم القانونية من خلال صيغ موفّقة للتعاقد بين الجانبين)، وأضاف: (تلك العقود ما فيها شئ مقبول غير بسم الله)، حيث أشارت بوضوح إلى أن المحصول ليس إلا أمانة عند المزارعين.
وكشفت التقارير التي غطت طاولة الجلسة عن مُعالجات لتعويضات الملاك التي تم إعتمادها توطئةً لصرفها بعد أن حددت سعر الفدان بعد المسوحات والقراءات التي قامت بها اللجنة المختصة لتوفيق أراضي الملاك وفقاً للمرجعيات القانونية لقانون مشروع الجزيرة، وتَوَصّلت اللجنة لتوصيات تتمثل في التعويض العيني لأصحاب المِلِك الحُر، الذي سيتم على مستويين وهم أصحاب المِلِك الحُر الذين حددت لهم حواشات نظير الملكية عند التفريقة وتسجل لهم هذه الحواشات مِلِك حُر، والتعويض الثاني لأصحاب المِلِك الحُر الذين لهم حواشات غير التي تم تخصيصها نظير المِلِك الحُر ولهم فائض أراضٍ بعد التعويض الأول، يسجل لهم هذه الحواشات مساحة مِلِك حُر ما يعادل فوائض أراضيهم.
وخلصت توصيات اللجنة حول التعويض النقدي للمِلِك الحُر بأن تكون قيمة الفدان (1.585)ج وذلك بَعد الأخذ فى الإعتبار بتقييم البنك الدولي لأصول المشروع والمبلغ الذي تساويه والمقدر بـ (60) مليار دولار.
وتشمل الإجراءات المطلوبة بفتح المكتب الدائم لتسجيل أراضي مشروع الجزيرة وتخويل المسجل بإجراء عملية تنزيل المِلِك الحُر وتسجيل الحواشات على أن يقوم المسجل بتسجيل الحواشة مِلِك حُر وتسليم المالك شهادة إقرار، وتسجيل الحواشة مِلِك منفعة لمدة (99) عاماً وتسليم المالك شهادة ملكية.
وذلك حسب الجدول الزمني المحدد بتاريخ بداية بفتح مكتب التسجيلات والمحدد له العاشر من الشهر الجاري وتسجيل الأراضي المِلِك الحُر من يوليو المقبل وحتى سبتمبر، أما صرف التعويضات فتمتد من الشهر المقبل حتى مارس من العام المقبل.
الرأي العام
الإثنين 2 مايو 2011م